على قارعة الطريق.. المرصد السوري يوثّق 32 حالة تخلٍ عن أطفال حديثي الولادة

على قارعة الطريق.. المرصد السوري يوثّق 32 حالة تخلٍ عن أطفال حديثي الولادة
طفل حديث الولادة ملقى أمام أحد الأبواب

تتصاعد ظاهرة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة في سوريا، لتضيف فصلاً جديداً من المأساة الإنسانية في بلد يعاني منذ سنوات من صدمات الحرب والفقر والانقسامات الاجتماعية، ووفقا لبيان نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء يتم في مناطق مختلفة من البلاد رمي الرضع على قارعة الطريق، أمام المساجد، وفي أكياس وحاويات القمامة، من قبل ذويهم، تاركين وراءهم طفولة ضائعة وحياة هشة مهددة بالموت أو الإهمال الشديد.

حالات موثقة

وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان 32 حالة تخلٍ عن أطفال حديثي الولادة في سوريا منذ مطلع عام 2025، توزعت على مناطق سيطرة الجهات المختلفة، وسجلت مناطق الحكومة الانتقالية النصيب الأكبر بواقع 19 حالة، تلتها مناطق الإدارة الذاتية بثماني حالات، بينما كانت مناطق الجيش الوطني الأقل تسجيلاً بخمس حالات فقط، وتعكس هذه الأرقام الفروق الاجتماعية والاقتصادية بين المناطق، لكنها تشير في الوقت ذاته إلى اتساع الظاهرة بشكل يثير القلق.

تزايد الظاهرة في ديسمبر

منذ مطلع ديسمبر، سجل المرصد أربع حالات جديدة، ففي 12 ديسمبر، عُثر على طفل حديث الولادة عارياً ومرمياً بجانب مشفى عائشة في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، فيما توفي رضيع آخر بعد يوم واحد من العثور عليه في نفس المكان، رغم تبنيه من قبل عائلة، بسبب الحالة الحرجة التي كان عليها.

في 19 ديسمبر، تم العثور على طفل آخر قرب المقبرة في حي غويران بمدينة الحسكة، وهو مشهد يعكس مدى هشاشة حياة هؤلاء الرضع وسط الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية، أما في 24 ديسمبر فكان الطفل حديث الولادة يُترك أمام مسجد الحتاش في قرية الحكومية بريف الرقة الشمالي، حيث تولى الشيخ المسؤول عن الجامع رعاية الطفل، من دون وجود معلومات واضحة حول أسباب التخلي عنه.

أسباب محتملة للظاهرة

تربط تقارير حقوقية هذه الظاهرة بأسباب متعددة، أبرزها التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه السوريون نتيجة الحصار والفقر المستشري، بالإضافة إلى ضعف الدعم الاجتماعي، وانعدام برامج حماية الطفل في كثير من المناطق، كما يشير ناشطون إلى أن ضعف الحس الإنساني وغياب الوعي الاجتماعي يسهم في استمرار هذه الحالات المؤلمة، حيث يصبح التخلي عن الأطفال خياراً مأساوياً بالنسبة لبعض الأسر.

الآثار الإنسانية والنفسية

التخلي عن الأطفال حديثي الولادة يترك آثاراً مدمرة على المستويين الإنساني والنفسي، فالأطفال يواجهون خطر الموت أو الإصابة بالأمراض، بينما تعاني المجتمعات من تفكك الأواصر الأسرية وانهيار قيم الرعاية والحماية، كما أن هذه الظاهرة تؤثر على الشعور بالأمن في المجتمعات المحلية، وتعمق من الصدمات النفسية الناتجة عن الحرب الطويلة التي عاشها السوريون.

دعوات للتدخل والمساءلة

يحث المرصد السوري لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية السلطات المحلية والجمعيات الإنسانية على وضع برامج عاجلة لحماية الأطفال خاصة الرضع، وتشديد الرقابة على حالات التخلي عنهم، وتوفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأسر الأكثر هشاشة، كما دعا نشطاء إلى تعزيز الحملات التوعوية حول حقوق الطفل وواجبات الأسر والمجتمع تجاه الرضع، لضمان ألّا تصبح حياة الأطفال الأكثر ضعفاً سلعة للتجاهل أو الإهمال.

تأتي هذه الظاهرة في سياق الأزمة المستمرة في سوريا، حيث أدى الصراع منذ عام 2011 إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار الفقر والبطالة وانهيار الخدمات الأساسية، الأطفال في هذا البلد يعانون من أشكال متعددة من العنف والإهمال، حيث تشير تقارير حقوقية إلى أن حالات التخلي عن الرضع تمثل جزءاً من أزمة أوسع تتعلق بحماية الطفل، تشمل التشرد، وسوء التغذية، واستغلال الأطفال في ظروف صعبة، وتؤكد الخبرات الإنسانية أن التدخل المبكر من المنظمات الحكومية وغير الحكومية ضروري لتقليل الخسائر البشرية وحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع السوري.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية